العلم يبني النجاح
العلم يبني النجاح
في طفولتي، كنت أشاهد أبي وهو يعمل بالحاسوب، فقد كان يعد رسالة الدكتوراه في التربية الإسلامية، وكنت أتمنى أن أكتب بسرعة مثله، وأن أستخدم الحاسوب باحترافية، كان مجرد النقر على أزرار لوحة المفاتيح يعطيني شعورا رائعا.
أنا رهف أبو موسى، 16 عاما، أدرس مجال الويب بنادي الوسائط في مركز رسل لرعاية الموهوبين، أعيش دير البلح بقطاع غزة.
التحقت بمركز رسل من خلال المدرسة، فقد تم اختياري مع مجموعة من الطلاب الموهوبين لأقدم اختبارات القبول، ونجحت فيها، وكان رسل الفرصة الرائعة لأمارس شغفي فيه، فاخترت نادي الوسائط من بين 5 أندية، وبين تخصصي التصميم والبرمجة، وبين برمجة الهواتف-الأندرويد- وبرمجة الحواسيب-الويب- اخترت الأخير، فقد أعجبتني برمجة الويب من ناحية حبي للاستكشاف وللحاسوب، وأيضا كوني أحب أن أتوسع في محركات البحث وأخوض في بحارها الواسعة.
كان من الضروري وجود جهاز أعمل عبره، والجهاز الوحيد الذي في منزلي كان لأبي، وهو يلزمه لعمله، وحينما أحضر لي أبي جهازا كانت إمكانياته ضعيفة.
صار عائقي الأكبر هو عدم توفر حاسوب، فادخرت كل ما يقع تحت يدي من مال لأجمع ثمن حاسوب جديد، كمصروف المدرسة.. المكافآت.. العيديات.. ولما رأى أبي سعيي لشراء الحاسوب، قام بمساعدتي، وفعلا اشتريت الحاسوب، وكنت سعيدة جدا.
التحاقي بمركز رسل لم يكن عائقا أمام تفوقي في المدرسة، فبالإضافة إلى تفوقي في الصف العاشر وحصولي على المرتبة الاولى على المدرسة، بمعدل 99.6% ، فزت في مسابقة تحدي العقول للرياضيات، ومسابقة للغة الإنجليزية وحزت المرتبة الثانية، كما أنني اكتسبت معرفة أكثر، خاصة في مجال التكنولوجيا، فقد حزت الدرجة النهائية في هذا المبحث، وأصبح من حولي يطلبون مني مساعدتهم في الأعطال التي تواجههم، حتى أنني قمت بإصلاح بعض الأعطال في حواسيب المدرسة.
كذلك، كون والدي يهتم بثقافتي وبتميزي بغض النظر عن المجال المهم أن ينفعني وينفع المجتمع، بينما بالنسبة لأمي الأهم بالنسبة لها المدرسة، فبالتوفيق بين رغبة والديّ، نجحت في التوفيق بين المركز والمدرسة.
وفي هذا الوقت لم أكتف بالمدرسة كمصدر معلومات لي فكنت أستخدم محرك البحث جوجل بكثرة، لم أكن أسأل عن شيء بدون معرفة، وأصبحت أكثر اهتماما بنموي الذاتي فبدأت أقرأ كتب تطوير الذات، منذ أن التحقت في مركز رسل في الصف السابع أحببت كتب التنمية البشرية، مع أن بعض الكتب التي اقرأها تكون عن زيادة القراء ونجاح العمل الذي لا يخدمني حاليا، إلا أنني أحب أن أحصل على معرفة مسبقة تسهل علي الامور عندما أكبر، فاتسعت مداركي وزادت ثقافتي وكسرت حاجز الخوف الذي كان بيني وبين العالم فأصبحت أشارك في دورات تعليمية مهمة في مجالي.
كنت ومازلت شغوفة بتعلم أي شيء له علاقة بالتكنولوجيا، وأتمنى دائما أن أكون صاحبة شركة معروفة ومتخصصة في مجال البرمجة و العملات الرقمية، لكن في الآونة الأخيرة، فكرت في تعلم الهندسة الوراثية والجينات، فأنا أحب البرمجة والعلوم لكنني صممت على البرمجة أكثر لأنني كنت مهتمة لها أكثر من العلوم.
أبو موسى في معرض للتكنولوجيا الرقمية |
مركز رسل كان هبة بالنسبة لي فكان نقطة انطلاقي الى العالم فعندما بدأت أتعلم وأتعمق في مجال البرمجة وزادت خبرتي ف كنت أشرح وأعلم زملائي ففكرت في المستقبل أن أنشئ مركز تعليمي بعد تخرجي للأشخاص الذين كانوا ولأطور موهبتهم، فالتعليم ليس مقتصرا على المدرسة فقط فأصبحت أحب التعلم أكثر.
ها أنا ذا في مشروع المركز الخاص بي "ويب أكاديمي"، منصة تعرض مجموعة من الدورات بالترتيب للذين يرغبون بتعلم البرمجة، ويوجد به جانب للمناقشة، ولتسأل أسئلة، وصفحة لتطبق ما تعلمته دون أن تحمل برامج على الجهاز.
في البداية شعرت بالكسل والتعب، لكنني طردت الكسل لأن فكرة أنني أريد أن أنفع نفسي وغيري كانت تعطيني لأجاهد نفسي لأجلها وأنجزها.
أريد أن أوجه بالنهاية رسالة للأشخاص في مثل سني، هذا وقتكم لتتعرفوا إلى العالم وتوسعوا نطاق التعلم في حياتكم، تعرفوا إلى الأشخاص الملهمين فهذا وقت بناء ذواتكم، التعليم لا يقتصر على المدرسة فهو بحر واسع لا ينتهي، تعلموا لتبنوا أنفسكم وتبنوا العالم.
تعليقات
إرسال تعليق