قرار اليوم ..مفتاح الغد
قرار اليوم.. مفتاح الغد
لم يكن التعليم الجامعي للفتاة مرحبًا به في عائلتي، بل كانوا يشجعون
الزواج المبكر، لكنني، عندما كان عمري 12 عاما، سألت نفسي: هل أريد أن أتزوج أم أن
أتعلم؟ فعقدت العزم على أن أكمل تعليمي، ولم أكن يوما مقتنعة بالزواج المبكر، وأرى
أنه لا يتيح للفتاة تحقيق أهدافها ويقتل كل فرص النجاح، وكان جدي لأبي الوحيد الذي
دعمني في قراري.
أنا تمام الغندور، لاجئة من مدينة
يافا، ومعلمة تربية إسلامية لدى الأونروا، وكاتبة وشاعرة.
كان جدي لأبي كلما رآني أكتب تنفرج
أساريره ويقول لي إنني أكتب باحتراف، ويجب أن أكمل تعليمي، لكن أبي عندما قررت أن
أتعلم لم يعارض وأيضا لم يشجعني، وكان أقاربي ينظرون إلي بإشفاق ظنا منهم أن قطار الزواج
قد فاتني، إذ بلغت السادسة عشر ولم أتزوج بعد، وفي الثانوية العامة -التوجيهي- لاقيت هجوما من قبل أفراد العائلة، وتم إلقاء
كتبي وكراساتي في الشارع قبل الامتحانات النهائية بيومين، وتم منعي من تقديم
الامتحانات لكنني قدمتها بفضل رعاية الله ثم وقوف الطيبين إلى جانبي.
وهذا زاد من إصراري وعزيمتي وحصلت على معدل 70% برغم الظروف الصعبة،
ولكن المشوار الأصعب بدأ الآن: التسجيل في الجامعة.
فقد كنت أول فتاة من عائلتي تفتح أبواب الجامعة، ورغم اعتراض الجميع
بحجة أنه تخصص لذوي المعدلات المتدنية، اخترت تخصص أصول الدين، ومع أنني كنت
متفوقة في اللغة الإنجليزية إلا أنه كان أمامي هدف واضح.
حصلت على الامتياز في سنوات دراستي
فمنحتني الجامعة إعفاء من الرسوم، وبها لم يكن دفع الرسوم عائقا، أما الكتب فكنت
أستعير الكتب من بعض الجيران وأعيدها نهاية الفصل، وهكذا تخرجت من الجامعة الإسلامية
بمعدل 85%
كانت بدايتي مع الكتابة خلال المرحلة الجامعية، فقد نبغت في مادة
الفلسفة حتى لُقبت بالفيلسوفة، ودائما ما كانت لدي نظرتي التأملية الخاصة
وتحليلاتي الفلسفية، وعندما كنت أقرأ بعض الخواطر والكتابات الشعرية، شعرت بأن هذه
الكتابات تجذبني إلى بوابة عالم الشعر والأدب.
لم أظهر موهبتي إلا للأصدقاء المقربين
جدا، ولاقيت منهم كل التشجيع والسعادة والمحبة عندما شاركتهم كتاباتي، التي في
نظري كانت مجرد كلمات عابرة ولم أفكر يوما أنها يمكن أن تتحول .. إلى كتاب!
كنت أتمنى أن أجمع كتاباتي في كتاب
مطبوع، وقد وقف كل من الدكتورة نجاح السرطاوي والدكتور أيمن خليل حفظهما الله إلى جانبي
ودعماني في نشر هذا الكتاب. فكرت كثيرا في اسم للكتاب الذي هو باكورة أعمالي
الأدبية، وبما أن النصوص التي قمت بكتابتها تتقلب بين الفرح والهموم، الأسود
والأبيض، لوني الظل والنور.. نعم! فسميت كتابي (الظل والنور)، ثم توالت أعمالي
الأدبية، فشاركت بعدة كتب مع كتاب آخرين، مثل كتاب (حروف دافقات)، ( ذكرى موجعة)،
كتاب (نبض المبدعين العرب -الجزئين الأول والرابع)، إلى جانب العديد من النصوص الموثقة في المجلات
والمجموعات الأدبية.
بداية زواجي رزقني الله بفتاة، وبعد 13
عاما من محاولات علاج فاشلة رزقني الله بتوأم ولد وبنت بعد عملية الحقن المجهري.
إن حاجة الشاعر والكاتب للكتابة تماما
كالحاجة للطعام والشراب. وأعتقد ان الإلهام لا يأتي في زحمة الحياة، إنما ينشط
عندما يكون المرء متفرغا صاف الذهن غالبا، ورغم كوني متزوجة ولدي أطفال، إلا أنني
استطعت أن أجد مساحة للكتابة في يومي.
وأؤمن أن على كل فتاة أن تسأل نفسها
سؤالين مهمين: لماذا خلقني الله؟ وما هو هدفي في الحياة؟ السؤال الأول يوصلها
للدين، والثاني للدنيا، وبما أن الحياة قصيرة، يجب أن تضع الفتاة هدفا محددا واضحا
لحياتها، لأن الفتاة التي تعرف ما تريد، تحسن اختياراتها، وتعرف كيف تنتقي الاشخاص
الذين سيعينونها في حياتها، وبذا تكون حياتها أفضل وتكون هي موفقة أكثر في اختيار
شريك حياتها وزوجها. الخلاصة: قراراتك اليوم، تحدد مسار حياتك وما ستكونين عليه في
الغد.
تعليقات
إرسال تعليق